التفسير:
مناسبة هذه الآيات لما قبلها، هى أن ما ذكر فى الآيات السابقة عليها، كان عرضا لمقولات المشركين، المنكرة، فى الله، وافترائهم الكذب على الله بنسبة الولد إليه.. فهم آثمون ظالمون، واقعون فى معرض عذاب الله ونقمته.. فناسب أن يذكّر هؤلاء الآثمون المشركون بما أخذ الله به الظالمين قبلهم من نكال وبلاء. ليكون لهم فى ذلك عبرة، إن كانت فيهم بقية من عقل وإدراك..
قوله تعالى: «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ» ..
كبر عليكم مقامى: أي شق عليكم احتماله، وأصبح أكبر مما تطيقون..
فضقتم بي ذرعا، وثقل عليكم وجودى بينكم.
أجمعوا أمركم: أي اجتمعوا على رأى واحد، فى الموقف الذي تقفونه منّى.. يقال أجمع أمره على كذا، أي قرّ رأيه فيه على قرار، بعد أن كان الرأى فيه مشتتا متفرقا.. يقول الشاعر:
أجمعوا أمرهم عشاء فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
من مناد ومن مجيب ومن تصهال خيل خلال ذاك رغاء أي أنهم باتوا على نية السفر فى الصباح، وأجمعوا أمرهم عليه.
«اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ» : أي وجهوا حكمكم إلىّ، ولا تنظرون، أي لا تؤخروا أخذى بهذا القضاء الذي قضيتموه فى.. ومنه قوله تعالى:
«وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66: الحجر) أي وجهنا إليه ذلك الأمر، وأعلمناه به.. وقرئ «افضوا إلى» بالفاء..