وأما الذين يتبعهم المشركون ويدعونهم آلهة من دون الله ويجعلونهم شركاء له- فإنما هم من واردات باطلهم وضلالهم، ومن مواليد ظنونهم وأوهامهم. «إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» . فهذا المعتقد الذي يعتقدونه فى معبوداتهم، وتلك المشاعر التي تشدّهم إليها إنما هى مما يولّده الجهل ويصوره الضلال.

قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» .

وذلك أيضا هو بعض مظاهر قدرة الله، وآثار رحمته فى عباده، وليس لما يعبد المشركون من آلهة صورتها لهم الظنون والأوهام- شىء من هذا الذي خلق لله، وما أفاض على عباده من نعم.

فهو- سبحانه- الذي جعل الليل سكنا، يلبس الكائنات الحية، ويهيىء لها فرصة للراحة من سعيها فى النهار، حتى تجدد نشاطها، وتستعيد قوتها، لتستقبل السعى والعمل فى يوم جديد، بنشاط متجدد.

- وفى قوله تعالى «وَالنَّهارَ مُبْصِراً» إشارة إلى أن ضوء النهار، هو الذي يعطى العيون قدرتها على الإبصار.. ولولا هذا الضوء لما كانت العيون مبصرة، فهو إذن المبصر، لا العيون، لأنه هو سبب أول، وهى سبب ثان.. ولهذا فهو أولى بالذكر منها فى هذا المقام.

ومن جهة أخرى فإن الضوء هو الذي ينتقل إلى حدقة العين، ويقع عليها، حاملا معه صورة المرئيات إليها.. تماما كما تقع المرئيات على المرايا.

وإذن فالنهار- أي الضوء- هو المبصر، لأنه هو الذي يبصر المرئيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015