فى رءوسهم، فينظر بعضهم إلى بعض، نظرات متلصصة، تبحث عن مهرب تهرب منه من بين يدى آيات الله، حتى لا ينفضح أمرهم بين يديها..
فإذا وجدوا فرصة مواتية للهرب انسلّوا، وفروا مسرعين: «كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ» ..
وفى قوله تعالى: «صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» حكم عليهم من الله سبحانه وتعالى بأنه قد صرف قلوبهم عن الحقّ، وختم عليها أن ترى الهدى، وأن تطمئن إليه، لأنهم قوم لا يفقهون شيئا، ولا يفرقون بين نور وظلام، وهدى وضلال..
«إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا..»
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
التفسير: بهاتين لآيتين تختم سورة التوبة- وهو ختام يلخص فى إيجاز وإعجاز مضمونها كلّه..
فقد كانت هذه السورة معركة متصلة، بين الإسلام، وبين النفاق، والشرك، والكفر.. وذلك فى محيط المجتمع العربىّ، بدوه وحضره. إذ كان هو ميدان الرسالة الإسلامية الأولى، ومنطلق رحلتها فى المجتمع الإنسانى كله، حيث كانت الأمة العربية، هى الأمة التي أرادها الله لحمل هذه الرسالة، وجعل منها الوجه الذي تظهر فيه أمارات هذا الدّين، وتتجلّى آثاره، ووكل إليها دعوة