وفى قوله تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ» .

بيان لما يحصّله المنافقون والذين فى قلوبهم مرض، من آيات الله التي تنزل من السماء هدى ورحمة للعالمين، فهى إنما تزيدهم عمى إلى عمى، وضلالا إلى ضلال، وفسادا إلى فساد.. إنهم أشبه بالهوامّ والحشرات التي يجرفها الغيث الهاطل، ويغرقها السيل المندفع، على حين يحيا به كل كائن حىّ، ويهشّ له ويهنأ به كل ذى حياة.. وإنهم لأشبه بالخفافيش يأخذ ضوء الشمس على أبصارها، فتكتحل منه بالعمى، على حين تكتحل الأشياء كلها بهذه الآية المبصرة من آيات الله بالهدى والنور! قوله تعالى: «أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ» هو تقريع وتوبيخ لهؤلاء المنافقين الذين يقفون مواقف الخزي والفضيحة بين يدى آيات الله، مرة أو مرتين كل عام، حيث يفضح القرآن منهم فى كلّ مرة، مخزية من مخزياتهم، ويكشف المسلمون موقفا لئيما من مواقفهم.. ثم لا يأخذون من هذا عبرة أو عظة، ولا يجدون فيما فضح الله من أسرارهم، وما أخرج مما فى صدورهم- آية على علم الله، وعلى وجود الله، فيؤمنوا به، ويتوبوا إليه.. بل إنهم على ما هم عليه، من كفر وضلال: «لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ» .

وقوله تعالى: «وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ» .

وهذه حال أخرى من أحوال المنافقين مع آيات الله، حين يستمعون إليها مع من يستمع إلى آيات الله من المؤمنين..

إنهم يلقونها بالشكّ والارتياب، حتى لتكاد تفضحهم ألسنتهم بما يدور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015