كل حوله وحيلته، فى غير فتور، أو تهاون أو تقصير.. وإلا كان ذلك نفاقا، وكان خيانة، سواء بسواء، كالنفاق مع الله، والخيانة لرسول الله، وللمؤمنين..
ونلمح هذا المعنى الذي ألمعنا إليه هنا فى قوله تعالى: «لِيَتَفَقَّهُوا» .. فالتفقّه ليس مجرّد العلم السطحى، بل هو العلم المتفحص المتمكن، الذي ينفذ إلى أعماق الأشياء، ويقع على الصميم منها..
فهذا هو العلم، أو الفقه، الذي يرفع صاحبه إلى مقام المجاهدين..
وكذلك العمل، إن لم يبلغ به العامل درجة تبلغ حدّ الكمال، للقدرة المتاحة له، وللوسائل التي بين يديه، لم يكن ليتوازن أبدا مع درجة الجهاد فى سبيل الله، ولا مع منزلة التفقه فى دين الله، ولم يكن للعامل أن ينتظم فى سلك المجاهدين، والمتفقهين.. إن العامل الذي يستأهل أن يكون مجاهدا فى سبيل الله حقّا، هو من فقه فى عمله، وعرف أسرار صنعته.. وبغير هذا لن يجىء منه الإحسان فى عمله، والإتقان لصنعته.. والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول: «إن الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» .. وقد أشرنا إلى ما للعلم من أثر فى الإيمان بالله، عند تفسير قوله تعالى «الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (لآية: 97) من هذه السورة.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (125) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)