وبين الله والمؤمنين بالله، عقد عقده معهم، وعهد عاهدهم عليه.. وهو أنه- سبحانه- اشترى منهم أنفسهم وأموالهم ولهم عنده فى مقابل ذلك الجنة! وما تلك الأنفس، وهذه الأموال التي اشتراها الله من المؤمنين؟ إنها من الله، وإلى الله..!
ولكن شاء فضل الله أن يجعل لعباده ملكية هذه الأنفس، وتلك الأموال، وأن يشتريها منهم، وأن يعوضهم عليها! وقدّمت الأنفس على الأموال هنا على خلاف المواضع كلها التي جاء فيها ذكر الأموال والأنفس مجتمعين فى القرآن.. ففى جميع المواضع ما عدا هذا الموضع قدمت الأموال على الأنفس! فما سرّ هذا؟ أو قل ما أسرار هذا؟
ونقول- والله أعلم- إن بعض السر فى هذا هو أن الله سبحانه وتعالى، هو الذي يطلب الأنفس والأموال فى هذا المقام، على حين أنه فى جميع المواضع التي ذكرت فيها الأنفس والأموال فى القرآن الكريم- كانت مبذولة من المسلمين، أو مطلوبا منهم بذلها..! ولاختلاف المقام اختلف النظم.. ففى شراء الله سبحانه وتعالى ما يشترى من المؤمنين يقدم الأنفس على الأموال لأنها عند الله أكرم وأعز من المال، على حين أن المال عند الناس أعز من الأنفس، إذ يتقاتلون من أجله، مخاطرين بأنفسهم ويقتلون أنفسهم فى سبيله! وفى اختلاف النظم هنا إلفات للناس إلى ما ذهلوا عنه من أمر أنفسهم، إذ استرخصوها إلى جانب المال، على حين أنها شىء كريم عزيز عند الله.
- وفى قوله تعالى: «يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ» إشارة إلى أن من شأن المؤمن أن يكون له يد ظاهرة على عدوه، وبلاء مؤثّر فيه، وأنه