بيان لضرب من نفاق المنافقين، وكشف لوجه من وجوههم المنكرة..
فهذا واحد منهم يرى النبىّ صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم «هوازن» بعد غزوة حنين، ويتألف بها من يتألف من الذين دخلوا فى الإسلام بألسنتهم، ولمّا يدخل الإيمان فى قلوبهم.. يرى ذلك فلا يستطيع أن يغالب نفاقه، ولا أن يمسك ما انطوت عليه نفسه من اتهام لرسول الله، فيقول- والرسول بين صحابته، وعلى رأس الجيش الظافر الغانم- يقول له: «يا رسول الله اعدل» ! ..
وهل يتفق قوله: يا رسول الله، ثم قوله لرسول الله: اعدل؟ وهل يكون من رسول الله غير العدل؟ ولكنه جهل الجاهلين، وضلال الضالين! وقائل هذه القولة الفاجرة الآثمة- كما يقول الرواة- هو ذو الخويصرة، واسمه حرقوص بن زهير التميمي..
ولا يجد الرسول ما يقوله لهذا السفيه، إلا تلك الكلمة الوادعة المشرقة:
«ومن يعدل إذا لم أعدل؟» .. فأى عدل يبقى فى هذه الدنيا إذا لم يكن إلى يد الرسول ميزان العدل كله؟ وإذا لم يعدل الرسول فمن يعدل بعده؟.
ويهمّ بعض أصحاب رسول الله- صلوات الله وسلامه عليه- بتأديب هذا السفيه الأحمق الجهول..
فيقول لهم الرسول الكريم: «دعوه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم.. يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة» !.
وليس ذو الخويصرة هذا- الذي يقال إنه صاحب هذه الكلمة المهلكة- ليس وحده هو الذي كان على هذا الضلال الذي أنطقه بما نطق به، وإنما كان