هذه الأعمال، فتأتى عليها، قبل أن تزهر أو تثمر.. وهذه الآفة هى النفاق..
فإذا كان بالمنافقين حاجة إلى أعمالهم تلك، وإلى الثمرة المرجوّة منها، فعليهم أن يحاربوا هذا النفاق، الذي يمنعهم أن ينالوا ثمرا مما يعملون..
قوله سبحانه: «فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ» .
تبين هذه الآية الكريمة أن جناية النفاق على أهله ليست واقفة عند حدّ..
فهو إذ يفسد على المنافقين كل ما يبدو أنه متصل بما يقرّب إلى الله، من عبادات وقربات، كذلك هو مفسد لكل ما هو متصل بحياتهم الدنيوية، مما يجمعون من أموال، وما يستكثرون من أولاد.. فهذه الأموال التي يجمعونها، ويشقون فى جمعها، وهؤلاء الأولاد الذين يعملون لهم، ويكدحون فى الحياة من أجلهم- إنما هى مصادر شقاء لهم، وبلاء عليهم، حيث تبدو جميعها فى ظل الكفر بالله أنها ظل زائل، سرعان ما ينفضون أيديهم منه، إذا هم فارقوا هذه الدنيا، وصاروا ترابا فى التراب.. إنهم لا يؤمنون بحياة أخرى وراء هذه الحياة، تتصل بها حياتهم، ويجدون فيها شيئا من ثمرة أعمالهم.. ومن هنا تتضاعف حسرتهم على هذا المال الذي جمعوه، وعلى هؤلاء الأولاد الذين لن يلتقوا بهم بعد الموت أبدا.. وعلى خلاف هذا شعور المؤمنين بالله واليوم الآخر.. إنهم لا يحزنون على فائت فى هذه الدنيا، لأن أنظارهم ممتدة على طريق أفسح من طريق هذه الحياة، وقلوبهم معلقة بحياة أكرم وأطيب وأخلد من تلك الحياة..
فإذا فاتهم شىء من هذه الدنيا كان لهم فيما يرجون من الله ما يغنى عن كل فائت..
ومن أجل هذا لم يكن الموت عند المؤمنين بالله واليوم الآخر، شيئا