بيان لما من أجله لم يتقبل الله من هؤلاء المنافقين أعمالهم، ولو كانت مما يعدّ فى الصالحات من الأعمال.. إنهم كفروا بالله وبرسوله.. فإيمانهم هذا الذي يراه الناس منهم هو إيمان يضمر وراءه كفرا وإلحادا.. وكلّ عمل لا يزكيّه الإيمان بالله وبرسوله، هو ردّ على أهله، والله سبحانه وتعالى يقول: «مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ» (18: إبراهيم) .
وإذا كان المنافقون على هذا الكفر بالله وبرسوله، فإن ما يأتون من أعمال المؤمنين فى ظل هذا النفاق المتمكن من قلوبهم، إنما يأتونه رياء، ونفاقا، حتى لا يفتضح نفاقهم، وينكشف المستور من كفرهم..
فهم إذا اقتضاهم الحال أن يصلّوا لم تكن صلاتهم ولاء لله، واستجابة لأمره، وإنما هو ثوب من أثواب النفاق يلبسونه إلى حين.. ومن هنا كانت صلاتهم باردة فاترة، لا تتصل بها نبضة قلب، أو هزّة وجدان! «وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى» .
وكذلك الشأن فيما ينفقون فى سبيل الله.. إنهم لا ينفقون عن إيمان بالله، وبرسوله، وبالجهاد فى سبيله.. ولكنهم ينفقون حين لا يكون بد من الإنفاق..
حتى لا ينفضح أمرهم، وينكشف نفاقهم.. «وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ» .
وفى قوله تعالى: «وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ» تحريض لهؤلاء المنافقين على التخلص من هذا النفاق الذي يقف لهم بالمرصاد على طريق الوصول إلى الله بما يقدّمون من أعمال: «وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ..»
فالمفروض فى كل من يعمل عملا أن يجنى ثمرته.. وهؤلاء المنافقون يعملون أعمالا كان من شأنها أن تثمر ثمرا طيبا.. ولكن هناك آفة خطيرة تتسلط على