وكان من أمر أبى ذرّ أن بعيره قد كلّ عن السير، فأخذ متاعه وحمله على ظهره، وسار يتبع الرسول.. ونزل الرسول فى بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين، فقال يا رسول الله إن هذا الرجل يمشى على الطريق وحده..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أباذرّ» فلما تأمله القوم، قالوا يا رسول الله: «هو والله أبو ذرّ» فقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أباذر..
يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» .
وفى تبوك أقام النبي صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة، انجحر فيها الروم إلى مسالحهم وقراهم.. وفتح الرسول، دومة الجندل، فتحها له خالد بن الوليد، وجاء بصاحبها مستسلما لرسول الله، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية..
وسنعرض بعض أحداث هذه الغزوة عند تفسير بعض الآيات التي نزلت فيها..
قوله تعالى: «وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ» .
هذه الآية تكشف عن وجه من وجوه الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك، وقدّموا بين يدى رسول الله أعذارهم الكاذبة..
فهؤلاء الذين تخلّفوا لم يكونوا على نيّة الجهاد فى سبيل الله، وأنهم لو كانوا على تلك النية لأعدّوا للجهاد عدّته، ولأخذوا له أهبته، حتى إذا دعا الداعي إليه، كانوا وكان بين أيديهم أدوات الجهاد وعدّته.. ولكنهم لم يكونوا أبدا على نية الجهاد، بل كانوا على كره قائم فى نفوسهم له، فكره الله انبعاثهم، وانطلاقهم مع المجاهدين، ولهذا ثبّطهم عنه، وحلّ