نزل قوله تعالى: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ..»
وحين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش، أقام على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري، وخلّف رسول الله على أهله علىّ بن أبى طالب- كرم الله وجهه- فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا له، وتخفّفا من صحبته!! فلما بلغ عليا مقالة المنافقين فيه، أخذ سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله.. زعم المنافقون أنك إنما خلفتنى استثقالا وتخففا من صحبتى، فقال: «كذبوا، ولكنى خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع واخلفني فى أهلى وأهلك.. أفلا ترضى يا علىّ أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى.. إلّا أنه لا نبىّ بعدي؟ فرجع علىّ بهذه الخلعة التي خلعها الله ورسوله عليه، وكبت الله المنافقين، وملأ قلوبهم حسرة..
وفى الطريق إلى تبوك مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر من ديار ثمود، فأمر أصحابه ألا يشربوا من مائها، وألا يتوضئوا منه للصلاة.. ثم سجّى- صلى الله عليه وسلم- ثوبه على وجهه، وحثّ راحلته، ثم قال:
«لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون، خوفا من أن يصيبكم مثل ما أصابهم» .
وكان أبو ذر- رضى الله عنه- ممن تخلف عن ركب رسول الله، إذ لم يكن قد أتمّ جهازه، وأبطأ به بعيره عن اللحاق بالركب..
وكان الناس يذكرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا تخلفوا فى الطريق.. فيقولون فلان تخلف.. فيقول الرسول: «دعوه.. فإن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه.» .