وثانيا: آيات المواريث التي ذكرها الله سبحانه وتعالى فى سورة النساء، تقرر فى صراحة واضحة أحكام الميراث بين ذوى القربى، بحيث لا تدع مجالا لغيرهم أن يشاركهم فى هذا الميراث، الذي فرض لهم فيها.
فقوله تعالى: «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ» لا يضيف جديدا إلى ما قررته آيات المواريث: ولو كان لها مكان فى أحكام الميراث، لكان مكانها بين آيات الميراث، لا فى هذا الموضع الذي يقرر أسسا ومبادئ للعلاقات التي تقوم بين المؤمنين، ثم بينهم وبين غير المؤمنين..
وثالثا: ما يقال من أن هذه الآية نسخت التوارث الذي قام بين المهاجرين والأنصار بحكم التآخى الذي أقامه الرسول بينهم- متوجّه له، لأن آيات المواريث تغنى فى تطبيقها عن الاحتياج إلى نص صريح بتحريم التوارث على هذا النسب الذي أقامه النبىّ الكريم بين المهاجرين والأنصار.. بل إن آيات المواريث نفسها قد تقدمها النصّ القرآنى: «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» .. هذا إذا كانت الأحكام الواردة فى آيات المواريث تحتاج إلى بيان لعلة التوارث بين الأقارب.
هذا، وقد جاء فى سورة الأحزاب قوله تعالى: «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً» - جاء هذا مقررا الولاية بالقرابة والنسب، بعد أن أبطل التبنّي! وذلك مراعاة لمقتضى الحال.