بهذه النعم، ويتخذ من دونه شركاء، يتعبّد لهم، ويجعل ولاءه إليهم، دون خالقه، ورازقه، ومالك الملك كله.
وقوله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ» .
هو بيان لخلق الإنسان وتقلّبه فى أطوار الخلق.. ومن أين جاء؟ وكيف نشأ؟ وإلى أين يصير؟
كان الخلق أولا، ثم التصوير ثانيا..
والخلق عملية ذات مراحل طويلة، تنقل فيها الإنسان من طور إلى طور، ومن خلق إلى خلق، حتى دخل طور الإنسان الذي فيه كان التصوير على تلك الصورة الإنسانية الكاملة..
وفى العطف بثمّ بين الخلق والتصوير، ما يشير إلى هذا الفاصل الزمنيّ الطويل، الذي قد يبلغ ملايين السنين، بين بدء بذرة الخلق للكائن الحي، وبين الثمرة التي أعطتها شجرة الحياة.. فى صورة هذا الإنسان..!
ثم إن هذا الإنسان حين أطل برأسه إلى هذا العالم، لم يكن إلا إشارة باهتة إلى هذا الإنسان العاقل المدرك، الذي يحمل أمانة التكاليف، ويناط به عبء خلافة الله على هذه الأرض..
ولهذا جاء العطف بثم فى قوله تعالى: «ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ» ..
فهذا الآدم الذي أمر الله سبحانه الملائكة أن يسجدوا له، هو الإنسان العاقل الرشيد، لا الإنسان فى طفولة الإنسانية التي لم تنسلخ من جلد الحيوان بعد..
وهذا ما يؤيد الرأى الذي ذهبنا إليه من قبل فى خلق آدم وتطوره (?) .