وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قالَ ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)
التفسير: بعد أن عرض الله سبحانه وتعالى الناس على مشاهد القيامة، وما سيكون لهم فيها من مواقف، بين سعداء وأشقياء- بعد هذا العرض استقبلهم سبحانه- بتلك الآيات الكريمة التي تذكرهم بما كانوا فى غفلة عنه من أمرهم، ومالله من فضل عليهم، فيما مكن لهم من أسباب الحياة فى هذه الأرض، وفيما كان قبل ذلك من إيجادهم من عدم، وخلقهم على تلك الصورة الكريمة، التي صار بها الإنسان أهلا ليكون خليفة الله فى الأرض..
وهذا من شأنه أن يلفت الإنسان إلى هذه النعم، وإلى أداء حق المنعم بها، وذلك بحمده، والولاء له، وخاصة بعد هذه المشاهد المثيرة التي طلعت على الناس من مشاهد يوم الحساب..
وقوله تعالى: «وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ» هو عرض لبعض تلك النعم التي أنعم الله بها على الناس، فقد مكن لهم سبحانه وتعالى فى الأرض، وجعل لهم سلطانا على كائناتها، من حيوان ونبات وجماد، بما منحهم من عقل، يفكر، ويقدّر، ويسخر قوى الحيوان والطبيعة لخدمتهم، ولتوفير أسباب الحياة الطيبة لهم.. ولكن أكثر الناس لا يشكرون لله فضله، ولا يقدرونه حق قدره، بل إن كثيرا منهم ليحارب الله