راحتها، وسعادتها، ولا تستشعر ضيقا عليها، ولا حرجا فى إقامتها على حدود هذا الحلال الطيب المباح لها..
وهذا هو السرّ فى التكرار الذي جاء عليه النظم القرآنى فى تلك الآية الكريمة، والذي اضطرب فيه المفسّرون اضطرابا مزعجا، وذهبوا فى تأويله مذاهب تدور لها الرءوس..
فقد وصف المؤمنون وصفا مكررا بالإيمان والتقوى، والعمل الصالح، والإحسان..
«الذين آمنوا وعملوا الصالحات..
... اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات..
... ثم اتقوا وآمنوا ...
... ثم اتقوا وأحسنوا ... »
والسبب فى هذا الذي وقع فيه المفسرون من اضطراب هنا، هو أنهم نظروا جميعا إلى «الحرج» على أنه رفع الإثم والمؤاخذة على ما يناله المؤمنون بالله من أطعمة، بعد أن يتّصفوا بتلك الصفات.
ولو أنهم نظروا- كما نظرنا بتوفيق الله- إلى «الحرج» على أنه ما يقع فى صدور المؤمنين من ضيق، إذا هم واجهوا المحرمات من المطعومات والمشروبات، حين يدعوهم إيمانهم وامتثالهم لأمر الله إلى التعفف عنها، والإمساك بأنفسهم عن الإلمام بها- لو أنهم نظروا تلك النظرة- لرأوا أن المؤمنين ليسوا على درجة واحدة فى موقفهم إزاء هذه المحرمات، وأنهم على منازل مختلفة منها..
فبعضهم ينتهى عنها، وفى صدره حرج وضيق، وفى كيانه مكابدة ومجاهدة..