بين الناس من أشواك العداوة والبغضاء.. تصدّ عن ذكر الله، وعن الصلاة، حيث تلهى أصحابها، وتمسك بهم فى مجالها، فلا يخطر ببال أحدهم ذكر الله، وقد استولى عليه هذا الرجس، ولا يجيب داعى الله إلى الصلاة، إن هو وجد أذنا تستمع إلى هذا الداعي.
وقوله تعالى: «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» يحمل تحريضا قويا على الانخلاع عن هذه المنكرات، ومجاهدة النفس فى اجتنابها، ومغالبة الأهواء الداعية إليها..
فهذه المنكرات لها سلطانها المتسلط على النفوس، بما فيها من مغويات تدعو الإنسان إلى التحلل من سلطان العقل، وما يدعو إليه من وقار، وجدّ، لتحمله على أجنحة الخلاعة والعبث والمجون.. ومن وراء ذلك شيطان يستحثّ أهواء النفس، ويثير غرائزها الحيوانية الخسيسة.. فإذا لم يأخذ الإنسان حذره ويتجرد لحرب هذه المغويات المتسلطة عليه، ويلقاها بإيمان وثيق وعزم ثابت، غلبته على أمره، وأخذته من مقوده، وأقامته على هذا المرعى الوبيل، ليطعم منه، ويعيش عليه..
ففى قوله تعالى «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» استفهام مطلوب الجواب عليه، ولن يعطى الجواب الذي ينبغى أن يجيب به المؤمن إلّا من نظر إلى نفسه، وإلى موقفه من ربه الذي يدعوه إليه، فإن استجاب لله، وانتهى عن هذه المنكرات واجتنبها، كان له أن يلقى الله بوجهه، وأن يدخل فى عباده المؤمنين، وإلا اختطفه الشيطان، وألقى به بين ضحاياه وصرعاه! قوله تعالى: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا» هو دعوة مجدّدة إلى المؤمنين، إلى طاعة الله ورسوله، والحذر من هذا الرجس، الذي بين يدى الشيطان.. يدعوهم إليه، ويغريهم به..