عمل الشيطان.. فهذا الأمر باجتناب هذه المنكرات، هو فى الواقع توكيد لما تحمل فى أوصافها من أكثر من نهى ضمنىّ باجتنابها. وذلك زيادة عناية بالإنسان، وحراسة مضاعفة له من الموبقات والمهلكات.. وضمير الغائب فى «فاجتنبوه» يعود إلى الرجس الذي جمع هذه المنكرات كلها فى كيانه.
أما الأنصاب- وإن كان الإسلام قد حطم الأصنام التي كانت مشرفة عليها-، فإن الإبقاء على عادة الذبح على هذه النّصب، مما يثير غبار الشرك، ويحرّك ريح الوثنية الكريهة.. فضلا عن أن هذه الذبائح التي تذبح على النصب كانت مجالا للمقامرة، إذ تقسّم لحومها بين المقامرين عليها، فيربح من يربح، ويخسر من يخسر.
وفى قوله تعالى: «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» ترغيب فى الاستجابة لهذا الأمر، الذي فى الامتثال له مدخل إلى الفلاح والسلامة، وإنه لا فلاح ولا سلامة مع صحبة هذه المنكرات، والولاء لها.
وقوله تعالى: «إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ» هو بيان لما يبغيه الشيطان من وراء هذه المنكرات التي عرضها للناس، فى معارض مغوياته، ومفسداته.. إنه يريد؟؟؟ أن يوقع العداوة والبغضاء بين الناس فى مواطن الخمر والميسر، حيث يفقد الإنسان عقله بالخمر، فلا يدارى قولة سوء، ولا يمسك كلمة شر، وحيث يستنزف الميسر أموال الناس، ويريهم أن بعضهم أكل بعضا، وهم- فى الواقع- مأكولون جميعا، فيقع بينهم الشر، وتشتعل نار العداوة والبغضاء.. وبهذا تتمزق وحدة المجتمع، ويصبح الإنسان فى مجتمعه إما طالبا أو مطلوبا، لا يبيت على أمن، ولا يستقرّ على حال..
ثم إن هذه المنكرات من خمر وميسر وأنصاب وأزلام، مع ما تزرع