أما اليهود، فقد عزلهم الكبر والغرور عن أن يختلطوا بالناس، وأن يدعوهم إلى دين الله الذي معهم..
وقوله تعالى: «وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ» .. هو شاهد ثالث على الإنسانية المنطلقة التي تنشد الخير، وتطلب الحق، وأنها حين تستمع إلى كلمات الله، تستمع إليها فى غير كبر أو استعلاء، فإذا اهتدت إلى طريق الحق، استقامت عليه، ولزمته.. وإن لم تهتد، توقفت وأمسكت فى رفق ولطف.
ولهذا دخل كثير من أتباع المسيح فى الإسلام عن اعتقاد صحيح، وإيمان وثيق: «تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ» أي اجعلنا من الذين شهدوا النبي واستمعوا إليه وآمنوا به.
وليس كذلك شأن اليهود، قد أعماهم التعصب، وأصمّهم الكبر، عن أن يستمعوا لكلمة حق، أو يستجيبوا لدعوة رسول..!
وقوله تعالى: «وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ» .. إنه لسان الحال، لكل طالب حق، حين تبدو له أماراته، وتلوح لعينيه دلائله، لا يتردد أبدا فى قبوله، والأخذ به، ليرشد وليكون فى عباد الله الصالحين..
وقوله تعالى: «فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ» .. هو الجواب المسعد لهذا التساؤل المتعاطف مع الحق، المستجيب له..
فقد تلقاهم الله- سبحانه- بهذا اللطف الكريم، وملأ أيديهم من هذا