الداء الخبيث الذي يندسّ فى كيانه، ويعمل على إضعافه وإفساده.
وفى قوله تعالى: «وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا» هو عطف على قوله تعالى: «مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ» .. فالذين يسارعون فى الكفر فريقان:
فريق من غير اليهود.. من جفاة الأعراب، الذين وصفهم الله بقوله سبحانه:
«وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ... » (101: التوبة» واليهود، وهم الذين أشار إليهم الله سبحانه وتعالى هنا بقوله: «وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا» ومسارعة الذين هادوا إلى الكفر، إما أن تكون بعد دخول بعضهم فى الإسلام ثم نفاقهم فيه، أو أن تكون مسارعتهم بالكفر بما فى أيديهم من الكتاب، إذ أنكروا ما فيه من آيات تحدّث عن الرسول الكريم، وتبشر به، وتدعو إلى مؤازرته والإيمان به.. فقد حملهم العناد على أن يكفروا بهذا الذي يحدثهم به كتابهم عن؟؟؟
وعن الأمارات التي يجدونها دالة عليه فى كتابهم.. وكان ذلك إسراعا منهم فى الكفر، وخروجا من الدين جملة.
وقوله تعالى: «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ» هو صفة لهؤلاء الذين يسارعون فى الكفر من الفريقين.. والأعراب، وأشباههم من ضعاف الإيمان من غير اليهود، يلقون أسماعهم إلى الأكاذيب التي يذيعها المنافقون عن الإسلام والمسلمين، وعامّة اليهود يعطون زمامهم لأهل العلم فيهم، ويتحدثون إلى النبي وإلى المؤمنين بما يلقيه علماؤهم فى آذانهم، دون أن يجرؤ هؤلاء العلماء على لقاء النبي ومواجهته بهذه الأكاذيب وتلك الأباطيل، لأنهم يعلمون كذبها، وأنهم مفضوحون إن واجهوا النبىّ بها.
وقوله سبحانه «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ» هؤلاء هم العلماء من أحبار اليهود، يحرّفون كلمات التوراة من بعد أن استقرت فى أماكنها، ولم يكن ثمة