فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
التفسير: لقد نقض بنو إسرائيل الميثاق الذي أخذه الله عليهم، فكفروا بآيات الله، ومكروا بها وجحدووا نعمه وأفضاله، وكذبّوا رسله، وأخذوهم بالأذى الذي بلغ فى كثير من الأحيان حدّ القتل.
فبسبب هذا لعنهم الله.. وكفى بهذا العقاب عقابا ونكالا.. إنه الهلاك الأبدى، والضياع لمعالم الإنسانية كلها، والخسران فى الدنيا والآخرة..
«أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً» (52: النساء) قوله تعالى: «وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً» هو مسخ لهذه القلوب، وقلب لطبيعتها، وتحول بها من قلوب بشرية إلى قلوب لا تمتّ إلى عالم البشر بصلة..
وهذا ما يشير إليه اللفظ القرآنى: «وجعلنا» الذي يدلّ على خلق جديد لهذه القلوب، وتصويرها فى صورة غير الصورة التي كانت.. ولهذا استباحت تلك القلوب كل منكر، وتقبّلت كل خبيث، دون أن تتأثّم أو تتحرج، حتى بلغ بها ذلك أن عبثت بكلمات الله، وغيرت معالمها، وبدّلت أوضاعها، وخلطتها بأهوائها ونزعاتها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ» .. وقد ضبط القرآن الكريم الجيل الذي عاصر نزوله من أجيال اليهود- ضبطهم متلبسين بهذا المنكر الذي كان عليه آباؤهم مع كتاب الله الذي بين أيديهم.. فقد جرت على ألسنة هؤلاء الأبناء الذين عاصروا نزول القرآن، صور من صور التحريف والتبديل لكلمات الله، فقال تعالى: «مِنَ