وذهب بعض المتأولين (?) إلى أنَّ "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" ليس بثناء على آلهة المشركين ولا مدح لها، ولكن يكون التقدير فيه: تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى عندكم وفيما تذهبون إليه، لا أنَّها في الحقيقة كذلك، كما قال {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] أي عند نفسك.
وهذا في البعد، كما روي عن الحسن؛ لأن هذا التأويل لا يمنع من سماع هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بين القرآن.
فإذًا (?) الصحيح في هذا أن يقال: إنّه من السهو الذي لا يعرى منه بشر، ثم لا يلبث أن ينبهه الله (?) عليه، وإما أن يقال إنَّه كان من الشيطان فتنة للناس كما ذكرنا.
وقوله: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [إن قلنا] (?) أن الشيطان تكلم بهذا على لسانه فهو ظاهر، وإن قلنا إنّه سهى وغلط (?)؛ فإن ذلك السهو من جهة الشيطان ووسوسته فهو من إلقائه. ومفعول {أَلْقَى} غير مذكور في اللفظ لأنه كان معلومًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولأصحابه حين نبه على غلطه ألا ترى أنه نقل نقلًا مستفيضًا.
وقوله {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} أي: يرفعه ويبطله بتنبيه