وقوله تعالى: {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} أراد ولا شعر رأسي. فإن قيل: الأخذ باللحية يؤدي إلى الاستخفاف بمن فعل به، فلم فعل ذلك موسى؟ والجواب: أن العادة في ذلك الزمان لم تكن كهذه العادة بل كان يجري ذلك مجرى القبض على اليد، والأشياء تختلف حكمها بحسب العادة فيها (?)، وقيل: (إنه أجراه مجرى نفسه إذا غضب في القبض على لحيته؛ لأنه لم يكن يتهم عليه كما لا يتهم على نفسه) (?).
قال ابن الأنباري: (وقع في نفس موسى أن هارون (?) عصى الله بترك اتباعه، فأخذ بلحيته ورأسه غضبًا لله، وتأديبًا لهارون) (?).
وقوله تعالى: {إِنِّي خَشِيتُ} قال ابن عباس: (يريد إن أنا أتيتك) (?) بمعنى: إن فارقتهم واتبعتك {أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} قال ابن عباس: (يريد (?): جماعتهم) (?). وذلك أنه لو لحق بموسى لصاروا أحزابًا: حزب يسيرون معه، وحزب يتخلفون عنه مع الإيمان والإنكار على عبدة العجل، وحزب مع السامري، فلا يؤمن أن يصيروا في الخلاف إلى تسافك، فاعتذر بما مثله يقبل؛ لأنه وجه من وجوه الرأي (?).