الحديث عنه، ولم يجئ ذلك عندنا في شيء من كلامهم، وليس تأويل هذا البيت على ترك الإخبار عن المضاف، وإنما المعنى: لو أن عصم عمايتين، وعصم يذبل، فحذف المضاف (?) يجري ذكره، والدلالة عليه بالإخبار عنه بعده، وأجري الإخبار عنهما على لفظ الشبه إذ كانا جميعين (?)، لأنهما أجريا مجرى القبيلين، كقوله تعالى: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء:30] وقوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] وكقوله (?):
إن المَنِيّةَ والحُتُوفَ كلاهُما ... توفي المَخَارِمَ يرقُبَانِ سَوادِيَا
وأبو بكر بن الأنباري يقوي هذه الطريقة، ويقول: يجوز أن يذكر اسمان ثم يخبر عن الثاني، ويسد الخبر عن الثاني مسد الخبر عن الأول، كما قالوا: كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل، فجعلوا الخبر عن الدنيا خبرًا عن الكاف، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] صرف خبر الذين إلى الأزواج، وذهب قوم إلى أن المثل دخل توكيدًا للكلام، والمعنى: الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار، فأكد الكلام بالمثل، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أي كهو، وعلى هذا المثل يكون لغوًا وزيادة كما تقول في الفصل في قوله: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: 5، 12]. وقوله تعالى: