من العطب والهلكة، وقال بعض أهل المعاني (?): وذكر الرحمة هاهنا نقضًا عليهم فيما ادّعوه من أنه ليس عليهم (?) فضل، فبين ذلك بالنبوة والهداية إلى الحق من جهة البرهان المؤدي إلى العلم.
وقوله تعالى: {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ}، ذكر ابن الأنباري (?)، وأبو علي (?) وغيرهما، فيه وجهين:
أحدهما: أن معناه: فخفيت عليكم؛ لأن الله عز وجل سلبكم علمها ومنعكم معرفتها لعنادكم الحق، وأنشد أبو علي قول رؤبة (?):
ومهمه أطرافه في مهمه ... أعمى الهدى في الحائرين العمه
أي خفي الهدى. ألا ترى أن الهدى ليس بذي جارحة تلحقها هذه الآفة، قال: ومن هذا قيل للسحاب العما؛ لإخفائه ما يخفيه كما قيل له الغمام.
الوجه الثاني: أن يكون عموا هم عنها، ألا ترى أن الرحمة لا تعمى وإنما يُعمى عنها، فيكون هذا كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، ونحو