لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} فلم ينفعه ذلك؛ لأن التوبة مقبولة إلى أن يعاين ملك الموت وأعوانه من الملائكة، وعدو الله فرعون جنح إلى التوبة حين أغلق بابها بحضور الموت، ومعاينة الملائكة، فقيل له (?) (آلآن وقد عصيت قبل) (?) يراد الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها وآثرت دنياك الفانية على الآخرة؟! والظرف متعلق بمحذوف تدل عليه الحال، تقديره: الآن آمنت أو تؤمن أو تتوب، والمفسرون على أن جبريل خاطب فرعون بهذا الخطاب (?).
وقال صاحب النظم: قوله: {آمَنَتْ} إلى آخر الآية، قد يعلم الجميع أن الغريق -سيّما من يكون غرقه نقمة من الله- لا يمكنه أن يلفظ بمثل هذا المنطق (?) لما يكون فيه من الشغل بالموت، والمعنى إن شاء الله: إن الله عز وجل علم ما وقع في قلبه حينئذ من اليقين والندامة على ما فرط منه، فذكر ذلك عنه وجعله قولاً، كما قال: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة: 8] فأخرج إضمارهم مخرج القول، ومثله قوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: 9] الآية. وجاء في الخبر: إن الله أثنى عليهم بما في ضميرهم، وهم لم يقولوا ذلك، ولكن الله علم ذلك من ضمائرهم