ترك الأجر لتتوفر الدواعي إلى الحق، وذلك أن الناصح إذا طلب على نصحه أجرًا ربما كان ذلك سببًا لامتناع الناس عن القبول منه، والإقبال عليه، وإذا لم يطلب الأجر كان ذلك أدعى إلى قبول قوله (?).
73 - قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ} (?) جعل الذين نجوا مع نوح خلفاء ممن هلك بالغرق، قال ابن عباس: يريد: أن الخلق جميعًا من يومئذٍ من ولد نوح كما قال (?): {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} (?) [الصافات: 77]، يريد إن الناس كانوا من ذريته بعد الغرق، وهلك أهل الأرض جميعًا بتكذيبهم لنوح عليه السلام سوى ذريته الذين نجوا معه، وهذا تحذير للكفار من التكذيب كي لا يؤول أمرهم بالإهلاك إلى مثل ما آل أمر قوم نوح.
74 - قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ} أي من بعد نوح، {رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ}، قال ابن عباس: يريد: إبراهيم وهودًا وصالحًا ولوطًا (?) وشعيبًا (?). {فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} يريد بان لهم أنهم رسل الله، {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} أي: أولئك الأقوام الذين بُعث إليهم الرسل، {بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} يعني قوم نوح، أي: لم يصدقوا بما كذب به قوم نوح [هذا معنى قول