وأما إذا لم ينو الالتجاء إلى فئة من المسلمين، وانهزم هزيمة على الحقيقة؛ فإن كان المشركون أكثر من ضعف المسلمين لم يعص ولم يأثم, وإن كانوا ضعفهم أو أقل استحق الوعيد وعصى وأثم.
فإن قيل: إن قوله: {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} يدل على أن المنهزم إذا عصى بالهزيمة بقي في النار خالدًا (?)، قلنا: قد ذكرنا أن الآية مخصوصة بأهل بدر على قول الأكثرين، قال يزيد بن أبي حبيب (?): أوجب الله لمن فر يوم بدر النار، فلما كان يوم أحد بعد ذلك قال: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]، ثم كان يوم حنين بعد ذلك فقال: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25]، {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة: 27] (?).