يكتم شيئًا مما أوحي إليه، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "من زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئًا من الوحي، فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} ولو كتم رسول الله شيئاً من الوحي لكتم قوله تعالى: {وَتُخْفِي في نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] " (?).
قال مقاتل بن حبان: هذا تحريض من الله نبيه على تبليغ الرسالة (?).
وقال مجاهد: لما نزلت {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} قال: "يا رب كيف أصنع؟ أنا واحد، أخاف أن يجتمعوا علي" فأنزل الله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (?).
فكل هذه الأقوال في تفسير هذه الآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشفق على نفسه غائلة اليهود والكفار، فكان لا يجاهرهم بعيب دينهم وسب آلهتهم، حتى أمنه الله تعالى بقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، واختلفوا في قوله: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} فقرىء (رسالته) (?) على (?) واحدة، و (رسالاته) على الجمع (?)، فمن جمع قال: إن الرسل يبعثون بضروب من الرسالات وأحكام في الشريعة مختلفة، وكل آية أنزلها (?) الله على رسوله