وكان أبو عبيدة يتأول في كان معنيين: المُضِيّ والاستقبال، وينشد قول جرير:
فأدركت من قَد كان قبلي ولم أَدَع ... لمَن كان بَعدي في القصائدِ مَصْنَعَا (?)
وقال ابن الأنباري: معنى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا} وأشباه هذا: وكان الله أبدًا ولم يزل كذلك، وصَلحَ وضعُ الماضي في موضع الدائم؛ لأن المعنى كان مفهومًا غير مُلبِس، كقوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّة} [الأعراف: 44]، وهو يريد: ويُنادي؛ لأن المعنى مفهوم، وإنما (عبرنا للماضي) (?)؛ لأن الذي هو في علم الله كونه لا بد من وقوعه، فكأنه قد وقع، ولا يجوز: قام عبد الله، بمعنى: يقوم لأنه يُشكل.
وذهب المبرد وابن قتيبة إلى أن (كان) في مثل هذا صلة في جميع القرآن (?)، وأنشد المبرد:
فكيف إذا مررتُ بدارِ قوم (?) ... وجيرانٍ لَنا كانوا كِرام (?)
فألغى كان. قال ابن الأنباري: ولا وجه لهذا عندي؛ لأنه لا يُلغى (?) الكونُ وهو عامل، والكون في البيت الذي أنشده المبرد غير عامل.