ومثلُه -مما جُعِلَ (أنَّ) مع الفعل بدلًا من المفعول-، قولُه: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (?) [الكهف: 63]، وقوله -تعالى-: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} (?) [الأنفال: 7]، بَدَلًا مِنْ إحْدَى الطائفتين.
قال أبو علي الفارسي (?): هذه القراءة على تقدير البدل، لا يصح إلا بنصب (خيْر) (?)؛ لأن (أنّ) تصير بدلًا من {الَّذِينَ كَفَرُوا} وإذا صار بدلًا منه، فكأنه قال: لا تَحْسَبَنَّ إملاءَ الذين كفروا خيرًا. فيلزم انتصاب (خير) (?) من حيثُ كان المفعول الثاني لـ (حَسِبْتُ).
ألا ترى أنه أبدل (?) {أَنَّمَا} كما (?) أبدل الشاعرُ (هلكُهُ) من (قيس)، فصار التقدير: وما كان هُلْك قَيْسٍ هُلْكَ واحدٍ، انتصب (هلكَ واحدٍ) (?) على أنه خبرُ (كان)، ولو (?) لم يبدل (هلكُه) من (قيس)؛ لارتفع بالابتداء، وصار (هُلْكُ واحدٍ) خَبَرَه. والجملة في موضع نصب على خبر (كان). كما أَنه لو لم يُبْدِلْ (أنّ) من {الَّذِينَ كَفَرُوا} لكسرها ولم يَفْتَحْها، ولو كسرها لصارت (أنّ) واسمها وخبرها، في موضع نصب؛ لأنه مفعول ثانٍ لـ {تَحْسَبَنَّ}.