58 - قوله تعالى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} ذكر المفسرون فيه قولين: قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد ليس أحد من شركائكم من يرد ذلك، ونحو هذا قال الضحاك: ليس من دون الله من آلهتهم كاشفة (?).
ومعنى الكشف في اللغة رفع الشيء عما يواريه، والمعنى على هذا القول أن القيامة إذا غشيت الخلق بشدائدها وأهوالها لم يكشفها أحد من آلهتهم، أي: أنها لا تنجيهم منها، ويدل على صحة هذا المعنى أن القيامة سميت غاشية فلما كانت في غاشية كان ردها كشفًا كما يقال في الدعاء: اللهم اكشف عنا الهموم والأحزان، والكاشفة على هذا القول نعت مؤنث محذوف على تقدير: نفس كاشفة، أو جماعة كاشفة، وهذا معنى قول قتادة: ليس لها من دون الله راد (?).
ويجوز أن تكون الكاشفة مصدرًا كالخائنة والعاقبة والعافية، فإذا قدرتها مصدرًا كان المعنى ليس لها من دون الله كشف، أي: لا يكشف عنها غيره. بمعنى لا يبديها ولا يظهرها ولا يزيل عنها ما يسترها، وهو معنى قول مقاتل: لا يكشفها أحد إلا الله، قال: يعني الساعة الله الذي يكشفها.
ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187] وهذا القول اختيار الزجاج (?) والفراء، وهو قول الكلبي، قال: ليس لها من يكشف عن علمها إلا الله (?)، وإذا كشف عن علمها فقد كشف عنها.