ولذلك ذكر بلفظ التذكير في قوله: {هَذَا}. قوله: {أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} يريد: أم قد غطى على أبصاركم، وذلك أنهم كانوا يكذبون محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فيما يوعدهم من العذاب وينسبونه إلى السحر، وإلى أنه يسحر الناس ويغطي على أبصارهم بالسحر، ومنه قوله تعالى: {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} وقد مر (?). فلما شاهدوا ما وعدوا به من العذاب قيل لهم للتوبيخ والتبكيت: أفسحر ما ترون، أم قد غطي على أبصاركم فلا ترون كما كنتم تدعون في الدنيا أنه يفعل بكم. وهذا معنى قول مقاتل (?). ويجوز أن يكون المعنى في قوله: {أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} التهديد. يقول: أم لا تبصرون العذاب فتكذبون به كما كنتم تكذبون به في الدنيا إذا كنتم لا تبصرونه. فلما ألقوا فيها قالت لهم الخزنة:
16 - {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} أي: على العذاب ومقاساة حر النار {سَوَاءٌ عَلَيْكُم} قال أبو إسحاق: مرفوع بالابتداء والخبر محذوف. المعنى: سواء عليكم الصبر والجزع (?). يدل على ذلك أنهم أقروا بهذا في قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} [إبراهيم: 21].
وقوله تعالى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي الأمر جار عليكم بالعدل، ما جوزيتم إلا جزاء أعمالكم، والمعنى: إنما تجزون جزاء ما كنتم تعملون، أي الكفر والتكذيب.
18 - فقوله تعالى: {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ}. قال ابن عباس،