قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} من صفة كمال ذلك الزرع وحسنه.
وقال أبو إسحاق: (الزُّراع) الدعاة إلى الإسلام (?)، وعلى هذا معنى الكلام: أن قوة صحابة محمد -صلى الله عليه وسلم- وكثرتهم تعجب الدعاة إلى دينه، كما يعجب حسن هذا الزرع الذين زرعوه، وتم الكلام ثم قال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} واللام متعلق بمحذوف دل عليه ما سبق والتقدير: فعل الله بهم ذلك ليغيظ بهم الكفار (?)، أي: إنما كثرهم وقواهم لكونوا غيظاً للكافرين، وروي لنا عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال في قوله: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ما آمن أن يكونوا قد صارعوا الكفار، يعني: الرافضة، لأن الله تعالى يقول: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} فمن غاظه واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- خفت عليه أن يكون ممن دخل في قوله: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (?).
وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، قال أبو إسحاق: فيها قولان: يكون منهم تخليصاً للجنس من غيره، كما تقول: أنفق نفقتك من الدراهم، أي: اجعل نفقتك هذا الجنس، والمعنى: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين أجراً عظيماً، فضلهم على غيرهم لسابقتهم وعظم أجرهم، هذا كلامه في أحد القولين، وبياف أنه ليس يمكن حمل قوله: (منهم) على التبعيض لأنهم كلهم مؤمنون