وقال قتادة: يقذفون بالغيب يرجمون بالظن، يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار (?). وعلى هذا المعنى: وقد كانوا يتكلمون بما غاب عنهم ويحكمون عليه بالكذب في الدنيا، وهو قوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}. قال مجاهد: في الدنيا، وقد بعدت الدنيا من الآخرة جدًا عند إنقضائها وقيام الساعة (?). وعلى هذين القولين، قوله: {وَيَقْذِفُونَ} معطوف على ما قبله.
وقال مقاتل: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ} أي: ويتكلمون بالإيمان وقد غاب عنهم الإيمان عند نزول العذاب، فلم يقدروا عليه (?)، وهو قوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}. وعلى هذا، ويقذفون مستأنف؛ لأنه خبر عنهم أنهم آمنوا حين لا ينفعهم الإيمان بعد أن كفروا في الدنيا.
وشرح ابن قتيبة هذه الآيات فقال: (يقول: ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت ولا مهرب لهم ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه، وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} أي: نادوا حين لات مهرب. {وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}: يعني: القبور.
52 - {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ} أي: بمحمد. {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} أي: التناول، أي: كيف لهم بنيل ما طلبوا من الإيمان في هذا الوقت الذي يقال فيه كافر ولا يقبل فيه توبة.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} زيد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين