أي: لا ضب بها فينجحر، ولا منار له لم فَيُهتَدَى به، كذلك المعنى هاهنا، لا يتعلق بي ضر ولا نفع فتضروني أو تنفعوني، ولأن الحق جل جلاله غنيٌّ مطلق، والعبد فقير مطلق {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} والفقير المطلق لا يملك ضرًّا ولا نفعًا خصوصا للغني المطلق.
قوله: "لو أن أولكم وآخركم" إلى آخره، معناه إنَّ تقوى العالم بأجمعه لا يزيد في ملك الله شيئًا، وكذلك فجورهم لا ينقص من ملكه شيئًا، لأن ملك الله عزَّ وجلَّ يرتبط (أ) بقدرته وإرادته، وهما دائمان لا انقطاع لهما، فكذلك ما ارتبط بهما، وإنما يفيد (ب) التقوى والفجور على أهلهما نفعا أو ضرًّا.
قوله: "قاموا في صعيد واحد" أي: في أرض واحدة ومقام واحد "ما نقص ذلك من ملكي شيئًا" إلى آخره، لأن ملك الله عزَّ وجلَّ بين الكاف والنون، إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون.
وفي بعض الأثر: "عطائي كلام، ورضاي كلام" أو كما قال، إشارة إلى قوله: كن، فيكون.
فإن قيل: هل يعقل ملك يعطى منه هذا العطاء العظيم ولا ينقص؟
قلنا: نعم كالنار والعلم يقتبس منهما ما شاء الله ولا ينقصان (جـ)، بل يزيد العلم على البَذْل.