احتج القائل بأنهما واحد بقوله عزَّ وجلَّ {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35، 36] والمراد بهما آل لوط، فوصفهم تارة بأنهم مؤمنون، وتارة بأنهم مسلمون، فَدَلَّ على أن الإسلام والإيمان شيء واحد. وحوابه أنه معارض بقوله عزَّ وجلَّ {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} [سورة الحجرات: 14] الآية فنفى الإيمان عنهم وأثبت الإسلام، ولو كانا واحدًا لمّا صَحَّ ذلك.
ثم الجواب عن الآية الأولى أنه وصف آل لوط بمجموع الأمرين الإيمان والإسلام لأنه أمدح وأكمل، وأيضًا لئلا تتكرر فاصلة واحدة في آيتين متواليتين.
واحتج أيضًا بحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: هل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمسا من المغنم" (?) الحديث. ففسر الإيمان هاهنا بما فسر به الإسلام في حديث جبريل من الأعمال الظاهرة فدلَّ على أنهما شيء واحد.
وجوابه من وجوه:
أحدها: أن حديث حبريل مصطحب، وحديث ابن عباس هذا مضطرب لأن فيه أنه عليه الصلاة والسلام أمرهم بأربع ولم يأمرهم إلا