أنه عالم به، فكان ظاهر حاله أنه عالم بذلك، غير عالم به، وهو محل التعجب (أ)، وإنما زال التعجب عنهم بقوله عليه الصلاة والسلام: "أنه حبريل أتاكم يعلمكم دينكم".

فتبين أنه كان عالما في صورة متعلم لقصد التعليم والتبيين لهم وذلك لا عجب فيه.

الرابع: الإسلام مصدر أسلم إسلاما، وهو في اللغة الطاعة والانقياد، وفي الشرع ما فَسَّر به في هذا الحديث، وهو الأعمال الظاهرة كالشهادتين وباقي العبادات. والإيمان مصدر آمن إيمانًا وزن أكرم إكرامًا فالهمزة الثانية في آمن نظير الكاف في أكرم فإذًا آمن من أفعل، لا فَاعَلَ إذ لو كان فاعل لكان مصدره فِعَالًا نحو قاتل قِتَالًا، وضارب ضِرَابًا ونحوه وهو قياس في مصدر فاعل الفِعَال والمفاعلة كالمقاتلة والمضاربة.

الخامس: اختلف في الإسلام والإيمان هل هما واحد أو متغايران وهذا الحديث يقتضي تغايرهما لأن حبريل - عليه السلام - سأل عنهما سؤالين، وأجيب عنهما بجوابين، وفُسرَ له الإسلام بأعمال الجوارح كالصلاة والزكاة والحج، وفُسرَ الإيمان بعمل القلب وهو التصديق، ولو كانا واحدًا لكان السؤال والجواب عن أحدهما كافيا عن السؤال عن الآخر، ولكان تفسير أحدهما هو عين تفسير الآخر كما لو سأل عن الخمر والعقار لكان حوابه أنهما جميعا الشراب المسكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015