والثاني: أنه أمر بالقضاء، وشبهه بالدين، والأمر يدل على الوجوب، ولأن الحج من فرائض الإيمان، فجاز أن يجب على المغضوب، كالصوان والصيام.

وإن شئت قلت: عبادة تجب على إفسادها كفارة، فجاز أن تجب على المغضوب، كالصوم.

واحتج المخالف بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]، فأوجب الحج على من استطاع السبيل، والمعضوب لا يستطيع.

والجواب: أنه إنما اعتبر السبيل في وجوب الحج على الإنسان نفسه، وهاهنا لا يجب على المعضوب بنفسه، فلم تعتبر استطاعته.

وعلى أنا قد روينا: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) فسر السبيل بالزاد والراحلة، فاقتضى الظاهر: أن المعضوب إذا وجد الزاد والراحلة، لزمه الحج، فكانت الآية حجة لنا من هذا الوجه.

واحتج بأن كل عبادةٍ لم تدخلها النيابة مع القدرة، لم تدخلها مع العجز، كالصلاة، وعكسه الزكاة.

والجواب: أن الصلاة عبادة لا يدخل في جبرانها المال، فلم تدخل النيابة [مع القدرة]، والحج بخلافه.

أو نقول: الصلاة لما لم تدخل النيابة فيها بعد الوفاة، لم تدخلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015