فالإشارة في: {بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} تعود إلى الآيات البينات التي تتلى عليهم، فدل على تسمية القرآن آيات، وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} والضمير في (هو) يعود على القرآن المذكور في الآيات قبلها، ثم قال بعدها: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} إلى قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} فأثبت أن هذا الكتاب هو الآيات التي طلبوا، أي: يقوم مقامها في الدلالة والحجة.
(ج) والآية: مركبة من كلمات، والكلمة: مركبة من حروف، فهذا القرآن كلمات وحروف، والكلمة: القول المفرد، وقد تطلق على الجملة، وأصل الحرف: طرف شيء كحرف الوادي، سمي به الواحد من حروف التهجي، وقد تكاثرت الأدلة على أن القرآن كلمات وحروف، وقد حكى الله عن الوحيد المذكور في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} أنه قال: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} فقال الله: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} وهو يشير بقوله {إِنْ هَذَا} إلى القرآن الذي بين أيدينا الذي هو حروف، وكذا أشار إليه الذين كفروا بقولهم: {لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ} .