غناه، ونحو ذلك، وكل ذلك في قديم الأزل، فأول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلا يموت أحد إلا بأجله، ولا يصيبه إلا ما قدر له. وقد بين الله الحكمة بقوله: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} .
فإذا علم العبد أن ما أصابه مكتوب عليه رضي وسلم، فلا يجوز الندم والتسخط، وذم الحظ، ولوم النفس أو الغير على أمر قد فات، كما لا يجوز الفرح أشرا وبطرا بما يؤتاه الإنسان، وإضافة ذلك إلى القوة والمعرفة والحظ.
وقد كثرت الأدلة على معنى ما تقدم، كقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك» إلخ.
وهذا كله لا ينافي فعل الأسباب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا، فكل ميسر لما خلق له» فترك الأسباب عجز، والاعتماد على الأسباب كفر.
(ج) أما كونه تعالى أضل بعض خلقه، فليس ذلك ظلما منه لهم، بل إنه سبحانه علم فيهم عدم صلاحيتهم للولاية، فخلى بينهم وبين أنفسهم، وسلط عليهم أعداءهم، فضلوا، فجعلهم عبرة للآخرين، وفتنة وابتلاء