إذا أسكن أهلَ الجنةِ الجنة وأهلَ النارِ النارَ، هبط إلى مرج من الجنة أفيح، فمدَّ بينه وبين خلقه حُجُباً من لؤلؤ، وحُجُباً من نور، ثم وضعت منابر النور، وسُرُر النور، وكراسي النور، ثم أُذِن لرجلٍ على الله عز وجل.. إلى أن قال: ثم ناداهم الرب عز وجل من وراء الحُجُب: مرحباً بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي، أكلوا وشربوا وفكهوا وكُسُوا وطيبوا، وعزَّتي لأتجليَنَّ لهم حتى ينظروا إليّ. فذلك انتهاء العطاء وفضل المزيد. قال: فتجلَّى لهم الرب عز وجل ثم قال: السلام عليكم عبادي، انظروا إليَّ فقد رضيت عنكم " الحديث.
فَصْلٌ: ثُمَّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرآنَ
وتُبَيِّنُهُ، وتَدُلُّ عَلَيْهِ، وتُعَبِّرُ عَنْهُ، وَمَا وَصَفَ الرَّسُولُ بِهِ رَبَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنَ الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقَبُولِ؛ وَجَبَ الإيمَانُ بِهَا كَذَلِك. َ
فَمِنْ ذَلِكَ: مِثْلُ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم ـ: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهُ الْمُؤْمِنِ التَّائِبِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِرَاحِلَتِهِ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: - صلى الله عليه وسلم ـ: (يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ؛ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: (عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ خَيْرِهِ، يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزَلينَ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ) . حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَهِيَ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا رِجْلَهُ [وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَيْهَا قَدَمَهُ] فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، فَتَقُولُ: قَط قَط) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: (يَقُولُ تَعَالَى: يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادِي بِصَوتٍ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِن ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إلَى النَّارِ) . مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ) .
وقال البغوي: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا} ، وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاؤوا، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه، وهو قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} , يعني الزيادة لهم في النعيم مما لم يخطر ببالهم.
وقال جابر وأنس: هو النظر إلى وجه الله الكريم.