قال رحمه الله تعالى: [وما من ذنب إلا وللعبد منه توبة].
حتى الشرك إذا تاب صاحبه ودخل الإسلام تاب الله عليه، فباب التوبة مفتوح لجميع البشر إلى قيام الساعة ولكل إنسان حتى تغرغر هذه الروح، أي: حتى يصل إلى الحالة التي يكون فيها قد انقطع من الدنيا، فعند ذلك لا ينفعه إيمانه وتوبته؛ لأنه لا فضل له في التوبة بعد معاينة الحقيقة كما فعل فرعون عندما رأى الموت! ومن كتب الله عليه الشقاء والضلالة فلا شك أنه لا يوفق للتوبة لكن لا ندري من هو بعينه، فأعتى الناس وأبعدهم عن الله عز وجل ربما يوفقه الله للتوبة فيتوب، والعكس صحيح.
وكذلك مما عرف من قواعد الشرع أن صاحب الهوى إذا أصر على هواه بعد قيام الحجة فالغالب أنه لا يوفق في التوبة، ومن هنا كاد السلف أن يتفقوا على أن صاحب البدعة لا يوفق للتوبة، وهم لا يقصدون صاحب الزلة أو الجاهل أو المتأول، فهذا قد يوفقه الله عز وجل ويتوب عليه، لكنهم يقصدون بصاحب البدعة المصر على بدعته بعد إقامة الحجة وظهور الدليل.
ومصداق ذلك أن كثيراً ممن عرفوا بالعناد بعد إقامة الحجة لا نعرف أنهم تابوا، هذا أمر.
الأمر الآخر: أنهم حتى لو رجعوا عن هذا الباطل وهم أصحاب هوى فإنهم لا يوفقون للسنة، إنما ينتقلون من باطل إلى باطل، ومن بدعة إلى بدعة، يتقلبون في الهوى -نسأل الله العافية- لأن الله كتب عليهم الضلالة ولأنهم لم يريدوا الحق، ولو أرادوه لوفقوا إليه.