قال أبو محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى: [ومن كان من أهل الإسلام فلا تشهد له بعمل خير ولا شر، فإنك لا تدري بما يختم له عند الموت، ترجو له رحمة الله، وتخاف عليه ذنوبه، ولا تدري ما سبق له عند الموت إلى الله من الندم، وما أحدث الله في ذلك الوقت إذا مات على الإسلام، ترجو له رحمة الله وتخاف عليه ذنوبه].
هذه القاعدة معروفة، وهي أن من كان مسلماً من أهل القبلة فلا نجزم له أنه من أهل الخير؛ فكلمة (لا نشهد) هنا لا يقصد بها مجرد الشهادة الظاهرة، لأن الشهادة الظاهرة مطلوبة، لكنه يقصد الجزم بما في القلب أو الجزم بالمصير بعد الموت؛ لأن الشهادة للحي تختلف عن الشهادة للميت.
الشهادة للحي شهادة عامة على ظواهر أعماله، فلك أن تشهد للإنسان بظاهر عمله لكن لا تشهد بما في قلبه؛ لأنه لا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب سبحانه.
إذاً: لابد من تفصيل: فالمسلم الذي تظهر عليه شعائر الإسلام وتظهر عليه الأعمال الصالحة نشهد له بالخير، وإن ظهر منه خلاف ذلك كذلك نشهد له بما يظهر منه من الخير ونشهد عليه بما ظهر عليه من خلاف ذلك من المعاصي والفسوق وهذا يتعلق بالشهادة وبالولاء وبالحب والبغض.
فإذاً: المسلم الذي يظهر شعائر الدين نشهد له بالخير شهادة عامة من غير جزم، ونشهد على الظاهر لا على القلب، ومن هنا نحب فيه هذه الأمور ونحبه في الله ونواليه بقدر ما فيه من الخير، والعكس إذا ظهر منه ما يخالف ذلك، فنشهد بما ظهر لنا لكن لا نجزم بما في قلبه، وأيضاً إذا ظهر لنا شيء من الفسوق والعصيان نكره منه ذلك، وله من الولاء بقدر ما فيه من الخير، ومن البراء بقدر ما عليه من المخالفة.
أما بعد الموت فإننا أيضاً نشهد للإنسان شهادة عامة ولا نجزم بمصيره، كما أننا لم نجزم في الدنيا بما في قلبه لكن نرجو للمحسن الخير والجنة، ونخاف على المسيء وهذه قاعدة: ينبغي أن تكون واضحة؛ لأنها مهمة عند التطبيق وعند التعامل مع المسلمين.