قال رحمه الله تعالى: [وقف عند المتشابه ولا تقس شيئاً].
المقصود الذي يشتبه عليك، بمعنى لا تستوعبه أو لا تفهمه، فأول المتشابه هو كيفيات الغيب، فإنه متشابه على جميع الناس، فيجب أن تقف عنده ولا تخوض فيه.
ثم دونه الأمر الذي يصعب فهمه، فإنه متشابه على عموم المسلمين لكن يعرفه الراسخون، فالمسلم ما دام لا يفهم يقف عنده ويسأل، فإذا سأل وعرف فبها ونعمت! وإن لم يعرف يصبح الأمر متشابه عند أهل العلم ويسلم، بمعنى أن يقول: صدق الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، آمنت بالله وبما جاء عن الله، وبما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذعن بقلبه وجوارحه ولسانه ويسلّم ويقف عند المتشابه.
إذاً المتشابه نسبي، وهو ما لم يتضح لك بعد بذل الجهد، فقد يكون أغلب الدين عند بعض عوام الناس متشابهاً، وتقل نسبة المتشابه عند العالم الراسخ إلى أن قد يكون لا يخفى عليه إلا النادر من الأمور التي تقع تحت طائلة الاجتهاد من كيفيات الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.
قوله: (ولا تقس شيئاً) أي: في الدين، فالقياس في أصول الدين لا يجوز، أي: فلا تقس الغائب على الشاهد، ولا أسماء الله وصفاته وأفعاله على ما عند المخلوقين، ولا أصول الدين القطعية على ما دونها، بل الأصل في كل أصول الدين وأمور العقيدة عدم القياس لأنها ثوابت، أما في الأحكام فلا شك أن قياس حكم على حكم يرجع إلى دليل شرعي فهو من الأمور التي تقتضيها ضرورة الاجتهاد.