قال رحمه الله تعالى: [واعلم أنه من تناول أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمداً صلى الله عليه وسلم وقد آذاه في قبره].
هذا حق، فإن الإنسان يقاس بأصحابه، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من البر الذي يبقى من الابن لأبيه إذا مات صلة أحبابه، كأن تبر صديق أبيك وهو ميت، وهذا يعني بالضرورة أنك إذا لم تبر بأصدقاء أبيك فقد أسأت إلى أبيك وهو ميت، وهو نوع من العقوق.
فإذا كان عدم بر أصدقاء الأب عقوق بالأب وهو ميت، فمن باب أولى أن يكون الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم البر بحقه، والرسول صلى الله عليه وسلم قد زكّى أصحابه ونهى عن سبهم، وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فالقدح فيهم قدح في حق النبي صلى الله عليه وسلم وانتقاص لحقه، وإساءة إليه بالضرورة، فمن تناول أحداً من الصحابة فإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم حتى ولو ادعى أنه يحبه، إذ كيف يدّعي أنه يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يطعن في أصدقائه وصحابته وإخوانه الذين زكّاهم، بل وأوصى وصية مؤكدة بحفظ ورعاية حقوقهم والترضي عنهم وعدم القدح فيهم، فهو مخالفة صريحة للسنة، ثم إنه عود على حق الرسول صلى الله عليه وسلم بالارتداد، بمعنى أن من طعن في أي من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنما طعن في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وآذاه في قبره.