قال رحمه الله تعالى: [والكف عن حرب علي ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله أجمعين ومن كان معهم، لا تخاصم فيهم وكل أمرهم إلى الله تبارك وتعالى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم وذكر أصحابي وأصهاري وأختاني)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)].
الأصل الكف عما شجر بين الصحابة من أمور الحرب أو ما دون الحرب؛ لأن الذي حدث بين الصحابة رضي الله عنهم اجتهاد تأولوه، وكل منهم كان له منزعه في الاجتهاد، ولم يحدث بينهم حرب أرادوها، إنما أوقع الحرب بينهم بعض مشعلي الفتنة.
فالصحابة لم يكن منهم إرادة حرب ولم يعزموا عليها، بل سعوا بكل ما يستطيعون إلى إطفاء نار الحرب، وهذا ثابت عنهم، لكن قصد الشيخ هنا الكف عما شجر بينهم من أمور اختلفوا عليها وطواها التاريخ، فينبغي لنا أن نحسن الظن فيهم، وأن نعرف أنهم إنما فعلوا ذلك عن اجتهاد، فمنهم من أخطأ ومنهم من أصاب، وكلهم على أجر؛ فمن أخطأ فله أجر ومن أصاب فله أجران، وعلى هذا فإن الخوض في حقهم أو تجريم أحد منهم على سبيل الانتصار والعصبية يعد من الباطل ومن أكبر المعاصي؛ لأن الله تعالى زكاهم؛ ولأن أغلب الذين حصل بينهم ذلك ممن زكاهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأعيانهم، وكثير منهم من أهل بدر الذين غفر الله لهم ذنوبهم وضمن لهم الجنة في الجملة فهؤلاء يجب ألا نخوض فيهم أبداً، وكذلك بقية الصحابة.
والحديث الذي ساقه المؤلف ضعيف بل لا أصل له، إنما الوارد -وهو بطريق حسن- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا)، وكذلك أحاديث أخرى مثل: (لا تسبوا أصحابي)، وغيرها أحاديث كثيرة تنهى عن أن نقع في أشخاص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في جماعاتهم أشد النهي.