إذاً: الأصل في المسلم عند الفتنة أن يلزم بيته وأن يصمت ويسكت حتى وإن رأى الحق مع أحد الأطراف، أما العلماء المطاعون والولاة الذين بأيديهم الحل والعقد والذين يطاعون في عشائرهم وفي أقوامهم فهؤلاء ينبغي أن يسعوا للإصلاح حتى تزول الفتنة.
قال: (وفر من جوار الفتنة وإياك والعصبية) هذا أيضاً دليل فقه الشيخ رحمه الله، فإن الفتنة غالباً تثير العصبية، وما من فتنة إلا وتثور مع العصبية؛ لأن الفتنة تقرب ضعاف الإيمان والعقول الذين تجرهم العصبيات، وتبعد أولي الفقه والحلم، ومن هنا تدخل العصبية للبلاد، العصبية للشعار، العصبية للحزب، العصبية للجماعة، العصبية للقبيلة، لأن الذي يقود الناس في الفتن هو من لا يخاف الله عز وجل، أو يقودهم الرعاع أو أصحاب الظلم والجور أو طلاب الدنيا وطلاب السلطان وهؤلاء هم أصحاب العصبية.
قال: (وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة).
هذه قاعدة عظيمة أيضاً، إذا كان النزاع على دنيا فهو فتنة في العموم.
(فاتق الله وحده إلى آخره) يكفي ما ذكره الشيخ؛ لأن ما ذكره هو أعظم الأصول التي تتعلق بالفتن، وإلا فالكلام في الفتن مهم لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الرايات وكثرت فيه الشعارات والانتماءات، ووصلت إلى حد الظلم والتجاوز بين فئات المسلمين، لكن لا يتسع المقام الآن.