قال رحمه الله تعالى: [واعلم رحمك ألله أنه ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة أبداً ما صحب الدنيا؛ لأنه لا يدري علام يموت وبم يختم له وعلام يلقى الله عز وجل؟ وإن عمل كل عمل من الخير، وينبغي للرجل المسرف على نفسه ألا يقطع رجاءه من الله تعالى عند الموت، ويحسن ظنه بالله تبارك وتعالى ويخاف ذنوبه، فإن رحمه الله فبفضل وإن عذبه فبذنب].
الأصل في الكتاب والسنة والذي عليه سلف الأمة أن المسلم في أحواله القلبية يجب أن تقوم عبادته وتعبده لله عز وجل على الأركان العبادة الثلاثة وما يتفرع عنها: على الحب: أي حب الله عز وجل، حب التعظيم والتقديس الذي لا يليق إلا بالله سبحانه.
ثم الرجاء: وهو قبل الخوف بمقتضى عموم النصوص؛ لكن لا يعني أنه يغلب الرجاء لكنه مقدم قبله؛ لأن الرجاء هو الأصل.
ثم الخوف؛ هذه الأركان لابد أن تستوي عند المسلم في العبادة وأن تكون كلها موجودة.
لكن أحياناً تقتضي الحال أن يغلب شيئاً على شيء، أما الحب فينبغي أن يكون على ميزان واحد، بمعنى أن يحب الله عز وجل الحب الكامل، لكن الرجاء والخوف قد تقتضي الحال تغليب أحدهما على الآخر، فمثلاً: الإنسان المسرف على نفسه المنهمك في المعاصي، الغافل عن ذكر الله، ينبغي أن نغلب عليه في الوعظ جانب الخوف؛ لأن هذا يردعه ويرده عن غيه.
وإذا كان عكس ذلك فينبغي أن يغلب جانب الرجاء، خاصة إذا كان في حال المرض الشديد أو عند الموت، فينبغي أن نستبعد في تذكير المريض المسلم جانب الخوف؛ لأنه قد يؤدي به الأمر إلى اليأس في لحظات النزع، وهذا خطير على المسلم، فهو في هذه اللحظة بحاجة أن يبشر بوعد الله عز وجل، وأن يغلب عنده جانب الرجاء؛ لأنه في حال لا يمكن فيها عمل.
وما عدا ذلك من الأحوال العادية ينبغي أن نوازن بين الخوف والرجاء بدون أن يكون هناك تمييز.
أيضاً المسرف على نفسه قد يجوز أن نغلب عنده جانب الرجاء إذا وجدنا في قلبه رقة، أما إذا كان عنده قسوة فينبغي أن يغلب جانب الوعيد وجانب التخويف بالله عز وجل والخشية؛ لأن هذا يردعه.