ذم الخصومة والمراء في القدر

في هذه الفقرة أشار إلى مسألة مهمة وخطيرة أيضاً وهي مسألة الجدال والمراء، وهي مما ابتلي به الناس قديماً وحديثاً، والجدال والمراء الأصل فيه المنع إلا ما توفرت فيه الشروط، والجدل والمراء من مناهج أهل الأهواء ومن أصولهم وسماتهم، وبالعكس فإن من منهج أهل السنة والجماعة الكف عن الجدال والمراء.

وإذا كان الجدال والمراء في سائر الأمور قبيحاً، فهو في أمور الدين والعقيدة أقبح وأشد، ثم هو في القدر بصفة خاصة من كبائر الذنوب، لأن القدر سر الله في خلقه، بمعنى أن القدر من الأمور التي لا تحيط بها عقول البشر.

والقدر يتعلق بمقادير العباد، وهي الشقاوة والسعادة، والموت والرزق والأعمال المستقبلية للإنسان، وهي أمور مغيّبة، فهي إذاً سر لا يعلمه إلا الله عز وجل، فكان تحريم الجدال والمراء فيها أشد من غيره.

وكذلك في الأسماء والصفات يعد من أعظم الذنوب؛ لأنه إساءة أدب مع الله عز وجل، وقول على الله بغير علم، ولأنه أيضاً مما نهى الله عنه أشد النهي.

ثم سائر أمور الغيب لا يجوز المراء فيها حتى ما يتعلق بالأمور الاجتهادية، والناس لهم أن يجتهدوا وأن يختلفوا وأن يناقش بعضهم بعضاً؛ لكن إذا وصل النقاش إلى المراء وهو المحاجة لطلب الغلبة، فإنه يكون حراماً، ولذا سأقف عند بعض المسائل حول هذا الموضوع، حيث ذكر الشيخ شيئاً منها وأشار إلى أشياء مجرد إشارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015