ومن ذلك الطعن في الرواة، وهذا أيضاً من أعظم أنواع الطعن، وما من فرقة لها رأي يخالف السنة إلا وتطعن في رواة الحديث، فمنهم من يطعن في دون الصحابة، ومنهم من يجرؤ على الصحابة ولا يبالي، فالجهمية طعنوا في الصحابة، والرافضة قبلهم طعنوا في الصحابة، والخوارج طعنوا في الصحابة، والقدرية طعنوا في الصحابة وسبّوهم بأنهم رووا أحاديث القدر، ثم جاءت بعد ذلك المعتزلة ومتأخرة الأشاعرة وطعنوا في الصحابة، فعلى سبيل المثال الرازي حينما أورد نصوص الصفات أورد إشكالاً على الصحابة أنفسهم، فقال ما معناه: كيف نقول بأحاديث الصفات والذين رووها من الصحابة المتأخرين كـ ابن عمر وغيره ما رووها إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة أو أكثر؟ أي: أنه طعن في الصحابة بأنهم رووا بعد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثين أو خمسين سنة، وقال: إنهم بشر يعتريهم السهو والخلل والنسيان، وإنه ظهر في عهدهم الأهواء وهذا لمز صريح! فهذا من باب الطعن في الآثار من خلال الرواة، لكن أشده الطعن في الصحابة، بل أحياناً يرتد الطعن إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن من طعن في الآثار طعن فيمن ترجع إليه الآثار، والآثار ترجع إلى المبلّغ عن الله عز وجل وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة هم النقلة العدول وهم المؤتمنون على الدين، فالطعن فيهم طعن على الآثار.